طالب في الصف الثامن كان من المشاغبين والمتأخرين دراسياً، طموحاته لا تتجاوز الانتهاء من مرحلة المدرسة وحسب، وفي أحد الأيام نظم معلم الرياضيات مسابقة تحد بين الطلبة تعتمد على الذكاء، فأثار استغرابه سرعة بديهة هذا الطالب الذي كان أول المجيبين، وأخذ المعلم يكرر تلك الفكرة نهاية كل حصة، واستمر إعجابه بقدرات هذا الطالب المدفونة، والتي أفصحت عن حالة مختلفة.
تلك الفكرة البسيطة جاءت بنتيجة كبيرة، فقد انعكست تلك الأجواء التحفيزية على مستوى الطالب، الذي بدأ يهتم بدراسته بعد أن تخلص من العادات السلبية التي كان يمارسها في المدرسة، وبعد بضعة شهور لاحظ المعلمون قدرات هذا الطالب في مختلف المواد الدراسية.
وقد أصبح من المتميزين، وبعد السؤال عن الأسباب، تبين أن تشجيع المعلم له كشف النقاب عن قدرات كثيرة كان يجهلها.تلك قصة من قصص كثيرة يشهدها الميدان التربوي كل عام، وهي تجربة صريحة تعكس أهمية التشجيع في حياة الطالب.. «العلم اليوم» في السطور التالية رصدت عن قرب انعكاسات المبادرات والأفكار التحفيزية على مسيرة الطلبة في التميز.
عن ذلك يقول سلمان أحمد مساعد مدير مدرسة: إن لكل طالب قدرات خاصة ومحفزات ذكاء قد تبرز في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى تحتاج إلى من يزيح عنها عتمة الخوف ويصقلها بجرأة الظهور والثقة التي تتطلب تضافر الجهود بين المدرسة والأسرة، فدور الأسرة ينصب على دفع القدرات، وضخ الثقة والدافعية في نفوس الأبناء، أنهم قادرون على الوصول لما يتمنونه.
وتذكيرهم ببعض النماذج الناجحة في المجتمع أو المدرسة، وتخليصهم من عقدة الفروقات بين الطلبة، ومن الضروري أيضاً أن ينتقي ولي الأمر المصطلحات التي ترفع من الحالة النفسية للابن، بالابتعاد عن الكلمات التي تشل عزيمته، مشيراً إلى أن دور المدرسة لا يقل أهميته عن دور الأسرة، فهي تنمي ما زرع في نفوس الأبناء.
الثقة والتشجيع
ويضيف أن التشجيع هو العامل الأساسي في التفوق، وهو عنصر ضروري لا بد أن يرافق الإنسان منذ نعومة أظفاره، وذلك لما يتركه من أثر في النفوس، فالأبناء في بداية حياتهم بحاجة إلى غرس الثقة فيهم من خلال تفعيل آليات التحفيز والتنافس وكلمات الإعجاب والإطراء.
ويشير سلمان إلى أن التفوق ليس سمة ملازمة أو يقتصر على طلبة معينين، وهو موجود لدى الطلبة كافة، لكن ينقصه الثقة في عطاء الشخص وقدرته على تجاوز الصعوبات، إذ تعد الثقة المزود الأساسي لقدرات الطلبة، والداعم الرئيسي لتحقيق تطلعاتهم وأهدافهم، مشيراً إلى أن بعض الطلبة تراهم يفتخرون بقدرات زملائهم ويتناسون قدراتهم، وذلك لسيطرة الأوهام التي أضعفت ثقتهم في أنفسهم، وأحبطت قدراتهم وتطلعاتهم إلى المستقبل.
قصص نجاح
ويؤكد سلمان أحمد أن المدارس خصصت العديد من البرامج وأوجدت الوسائل والآليات لتطوير قدرات طلبتها، والميدان التربوي يزخر بالعديد من قصص النجاح، أبطالها طلبة انتقلوا من مقاعد التأخر الدراسي إلى مقصورات التفوق، حين غُذيت عقولهم وعزيمتهم بجرعات من التفاؤل.
وقضي على الأفكار السلبية التي كانت تسيطر على مخيلتهم، مشيراً إلى أن التفوق ليس فقط في المواد الدراسية، بل إن هناك طلبة مبدعين بأنشطتهم ومواهبهم، وفي النهاية فإن اكتشاف قدرات الابن والدفع بها إلى التفوق هو مسؤولية الأسرة في المقام الأول تليها المدرسة.
ليست هناك تعليقات :